الخميس، 2 فبراير 2012

شهر الغرائب المصرية






الصورة وظلالها قد تكون خادعة إلي حد ما ..

يذكر التاريخ أن الفنان مايكل أنجلو صاحب تمثال موسى قد خلبته روعته إلى الحد الذي دفعه لأن يضرب ركبة التمثال بأزميله صارخا فيه انطق! إنطق ..

وفي ميدان التحرير تجمع مئات الآلاف مطالبين بإسقاط وزير الداخلية في ذكري عيد الشرطة ، لكن الأمور تطورت وسقط مبارك رئيس الجمهورية ومجموعة من أنواعه بعد طول تشبث بالسلطة ..

هكذا فرح الناس بثورتهم وقالوا لها حققي ما نريد ..

الانتقام من رموز النظام السابق .. الأجور والعدالة الاجتماعية .. والحريات .. وتطهير مؤسسات الدولة التي تعفنت في ظل نظام فاسد خاضع لأجندات أجنبية لأكثر من ثلاثين عاما ..

لكن تمثال موسي لم ينطق ولم تحقق الثورة المصرية معظم أهدافها بل وعادت إلي المربع واحد بعد عام من الثورة لتطالب بإسقاط رأس النظام الجديد وهم المجلس العسكري ..

.. وسلم الشباب الكرة لعواجيز العسكر واعتقدوا أن الحق يولد وحده بعد أن يزهق الباطل، لم يعرفوا أن النيات الطيبة وحدها لا تكفى لاستكمال ثورة، وأن ما يبنى فى ثلاثين عاماً لا تكفيه ثمانية عشر يوماً لاجتثاثه من جذوره. ثم عادوا يطالبون بالكرة وقد تغيرت بعض الشئ ..

هل الثورة كانت خناقة كبيرة سقط فيها قتلى ومصابون ..؟

ولأن الكل يحب «يبان فى الصورة» تصبح الأخيرة مكتظة بلا منطق، حتى إن إطارها لا يكاد يتسع للجميع، ويصبح على حافة التدمير .هل ما يحدث في مصر الآن هو تسليم السلطة من العسكر للمدنيين لتزويق الصورة ، وذلك ببساطة وبعيدا عن الأعراف والتقاليد بترك البسطاء من الناس فريسة للبلطجية ولسانها الخارج أمتارا يقول .. ورونا حتعملوا أيه من غيرنا ..؟؟

من الواضح زيادة الفجوة بين الناس وحكم العسكر بتغذية من الإعلام الذي يمكنه التلون ومجتمعات حقوق الإنسان الممولة من الخارج وأخطاء العسكر أنفسهم وأصحاب الغنايم أيضا..

لم يتأخر العسكر المصريون عن تسليم السلطة بضعة أشهر فحسب، هم يجلسون في الممنوع من 1954 بعد أن أزالوا الملك وجلسوا مكانه مجلسًا من الملوك الصغار سرعان ما تحول إلى ملكية عسكرية فردية .. لكن المشكلة فيما يسمي الطرف الثالث أو الوهمي ..

وهل الثورة المصرية ليست خالصة الوطنية ولا العسكر يتمتعون بالشفافية ..؟

الجديد أن ما حدث في بدايات عام 2011 بالتحرير وثورة سلمية غيرت الموازين وأسقطت نظام التوريث الذي لم تستطع المؤسسة العسكرية إيقافه .. اعتبر هذا الحدث علامة تاريخية بديلا للانقلاب العسكري ووضع الثوار والعسكر في خندق واحد ساعد علي تسارع الأحداث ..

وبعد اختلاف الرفقاء .. الآن يتم محاصرة مبني التلفزيون والوزراء والشعب وللمفارقة المنتخب بنزاهة وذلك بمعرفة بعض النشطاء ، فضلا عن العسكرة في ميدان التحرير في اعتصام مستمر .. فهل هو بديل عن الانقلاب العسكري أيضا ..أم أن ظلال الصورة تخفي شيئا ما .. قد يكون لا إغواء الاستحواذ على القوة الذي صار شيطان كثيرين من فرقاء لحظتنا المصرية الراهنة. ..

أن عناصر الأمن المركزي تقف متفرجة على الاشتباكات سواء في مباراة المصري البورسعيدي والأهلي أو محاصرة البعض لمجلس الشعب أو شارع محمد علي ، وان الشرطة العسكرية كانت بعيدة عن الساحات الآن ، الأمر الذي يثير أكثر من علامة استفهام حول تفسير انسحاب الجهتين ، علما بأنهما قامتا بدور مشهود في تأمين اللجان التي أتت بالمجلس ..

وهل تأمين شباب الإخوان للمجلس كان ردا علي ذلك لتبدو مفارق الطرق أكثر غموضا ...

وتأتي أحداث إستاد بورسعيد الكروي لتقلب المواجع ..

وتستكمل السخرية إخراج لسانها لتأتي في ذكري أحداث موقعة الجمل بميدان التحرير 2011 .. فهل شهر فبراير هو شهر الكوارث في مصر ..

كان بداية أحداث شهر فبراير، منذ يوم 25 فبراير من عام 1986، حينما تمردت عدة فرق من قوات الأمن المركزي، بسبب توزيع منشورات تحتوي على أنباء كاذبة، عن مد فترة الخدمة للمجندين لمدة عام آخر، لتكون حصيلة مدة الخدمة ثلاثة أعوام بدلا من عامين.

عمت حالة من الانفلات الأمني في البلاد استمرت لمدة أسبوع، بعدما قامت قوات الأمن المركزي بإشعال الحرائق في العديد من الفنادق والمحال التجارية، وكان الحل هو انتشار قوات الجيش في شوارع القاهرة، وتطبيق حظر التجوال.وبالفعل تمت عملية ردع المتمردين، بعدما قامت الطائرات المروحية "الهليكوبتر" بضرب معسكرات الأمن المركزي في الجيزة بالصواريخ، مما أسفر عن سقوط 60 قتيلاً وفقاً للبيانات الرسمية، واعتقال 1236 جندياً و3 مدنين، وإحالتهم إلى محاكم أمن الدولة المشكلة وفقا لقانون الطوارئ وقتذاك.

وفي شهر فبراير أيضاً وبالتحديد في ثاني أيامه من العام 2006، سقط ما يقرب من 200 مصرياً، أثناء عودتهم من أداء فريضة العمرة بالمملكة العربية السعودية، على متن العبارة "السلام 98"، والتي غرقت في البحر الأحمر نتيجة الإهمال في الصيانة الدورية للعبارة.

وهرب صاحبها ممدوح إسماعيل الي لندن بمساعدة أذناب مبارك ..

وهرب بعدهم يوسف بطرس غالي ورشيد منفذي الاجندة الخارجية لاغراق مصر بتوابع اذناب مبارك أيضاً في شهر فبراير، وفي ثاني أيامه في عام 2011، أثناء اعتصام المتظاهرين بميدان التحرير، ثم الهجوم عليهم من قبل بعض البلطجية والمأجورون الذين كانوا يمتطون الخيول والجمال والبغال، لإرغامهم علي فض الاعتصام، فيما عرف بعد ذلك بـ"موقعة الجمل" والتي خلفت العديد من القتلى والمصابين.

وفي مطلع فبراير من هذا العام 2012 وبالتحديد في أول أيامه، اندلعت أحداث عنف مساء أمس الأربعاء، في محافظة بورسعيد وبالتحديد في إستاد بورسعيد، عقب المباراة التي جمعت بين نادي المصري البورسعيدي والأهلي القاهري والتي فاز فيها نادي المصري بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد للأهلي. فهل تتصورون حجم الكارثة لو فاز الأهلي ..؟؟،

أسفرت هذه المواجهات عن سقوط ما يقرب من 80 شهيداً وحوالي 1000 مصاباً، في حادثة هي الأولى من نوعها في مجال كرة القدم، وسط استهجان وتعازي من كل الشخصيات السياسية والرياضية ..

وتعود الناس إياها لمحاصرة مراكز الصورة والقرار .. ماسبيرو ومحمد علي والتحرير ويتهم فيها الترتس الأهلي بدلا من ترك الأمور للقضاء الذي يطبطب علي رموز الفساد منذ عام والعسكر الذي ملأ سجونه بالشباب وماذا تخفي الظلال ..

والتاريخ يمنح الفرصة مرة واحدة ، وتتغير الصورة فالعودة بعد أن تصبح جسراً يمر عليه قاتلوك إلى البرلمان فهذه حماقة وليست جسارة، وأن تفترض أن العدو سيحاربك بشرف لأنك شريف فهذه غباوة ..

نعود للصورة والظلال بعيدا عن قمة جبل البركان أو بجوار جبل الثلج العائم وهل نحتاج لعناق من جديد في الميدان أم إلي دمية النار وهز الرأس اعترافنا بفشلنا في محاولة لفهم ما يحدث في مصر الآن ..؟