الأحد، 28 مارس 2010

غلاف مجلة فاروسيات للمشاركة



أحباء فارووس

أدب وفن

معاصر

جـــــديدة

الصحافة الثقافية في مصر التأميم ولقمة العيش شهدت الصحافة الثقافية في مصر في النصف الأول من القرن

العشرين رواجا كبيرا؛ إذ ظهرت مجموعة من المجلات

الثقافية الهامة التي ساهمت في تشكيل ملامح الفكر الذي ساد

مصر في القرن العشرين مثل : "الرسالة"، و"المقتطف"،

و"أنيس الجليس"، و"الثقافة" ، لكن التأميم الذي حول الصحف إلى مؤسسات حكومية أثر على مستوى الأداء الصحفي، وقصر النشر على الأقلام التي ترضى عنها السلطة ، فخفت نجم الصحافة الثقافية ، وفـرت الأقلام الفاعلة إلى خارج الحدود. وعلى الرغم من أن الصحافة الثقافية التي نشأت على يد مفكرين وكتاب أثروا في الجوانب الفكرية والثقافية لجيل كامل تربى على مقالاتهم ، إلا أنها سقطت اليوم في ظل معطيات السوق ، التي تعلي من قيمة المواد الصحفية ذات المضمون الترفيهي لتختفي على أثر ذلك الصحافة التثقيفية، إن جاز التعبير، فقد بات المشهد - رغم الزيادة الملحوظة في نسبة الصحف ذات الإصدار الخاص والتي لاقت رواجا جماهيريا، وحركت المياه الراكدة في الوسط الإعلامي- ذا ملامح ثقافية باهتة، فيما عدا إصدار وزارة الثقافة المتمثل في جريدة "القاهرة" الأسبوعية ، وإصدار دار أخبار اليوم المتمثل في "أخبار الأدب" ، وكلتاهما تبدوان بعيدتين نسبيا عن المثقف العادي، وإن كانت "أخبار الأدب" أكثر انتشارا وحضورا وتنوعا.. يبدو الأمر مجرد انعكاس مباشر لسيطرة التلفزيون، وتراجع الصحافة بوجه عام، خصوصا مع ظهور وسيط الإنترنت الذي سحب البساط بشكل ملحوظ من تحت وسائل الإعلام التقليدية لكن يرى د محمود خليل -أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة- أن الفن المصري باعتباره رافدا هاما للتثقيف صار الآن معظمه يدخل في نطاق التفاهات وأعمال المقاولات، ولم نعد نرى اليوم فنا مصريا كالفن القديم الذي كان يعتمد في المسرح والسينما والإذاعة على إبداعات

محفوظ، والحكيم ، والشرقاوي، وإدريس، وعبد القــــدوس،

وعلى هذا فماذا ستقدم هذه الجرائد في حال وجـــودها ..؟

فيما يرجع كتاب ثقافة السلام و أ.ممدوح الشيخ الأمــــر إلى

الإمكانيات المادية التي تواجه الصحافة بشكل عــــــام ..

عدد تجريبي غير دوري مارس 2010 يشرف عليه الشربيني المهندس

مجلة فارووسيات



صدرت بحمد اللـه مجلة فارووسيات الجديدة عدد تجريبي 2 وهي نشرة تصدر بصورة غير دورية وان كانت شبه شهرية لتسجيل فعاليات الانشطة الثقافية السكندرية وكانت هذه المرة بمناسبة استضافة هيئة الفنون والاداب للشاعر احمد سويلم وكان بطل فارووسيات وموجة ذكريات هو الشاعر صبري ابو لم الامين السابق للهيئة وجاءت اخبار احتفاليات كلية الاداب جامعة المنصورة وهية الفنون لتتصدر معظم الصفحات حيث سجلت شاعرة رسالتها الحب والشهيرة بصابرين الصباغ صفحة لشاعر الاسكندرية الكبير محجوب موسي وخبر ديوان جديد للزجال محمد طعيمة بعنوان لا تصالح بعد ديوان الاشعار بالنيات
وتهنئة خاصة للدكتور احمد الجويلي بالتكريم وحفيده الاول عبد الرحمن خالد والمهندس الفحام وحفيدته الثانية
وتهنئة حتي لا ننسي للاديب اللواء سراج النيل الصاوي وروايته الجديدة بطل من سبرباي بطنطا غربية وهو الشهيد الجنرال الذهبي بطل حرب الصواريخ والتمهيد لنصر اكتوبر 1973علي المحتل الاسرائيلي وتحرير الارض

الجمعة، 19 مارس 2010

من وراء الكواليس









من وراء كواليس

مصر الأخرى

وبريق الدروع لا يتوقف أمامي شعرت أن الدهشة التي طالتني علي كبر ستلازمني طويلا ، وكأنها إرهاصات قدرية ، ونحن نعيش في شركة نتبادل أكل لحوم الزملاء ، ومسلسل التصفية الذي بدأ ببيع أول الوحدات الصناعية كأرض خراب أمام أعيننا يستمر ، ونحن نتقاذف الطوب وأين حق العمال وصندوقهم القانوني ، والذي أصبح بين يدي المجهول قانونا أيضا ..

فقد تجددت الدهشة مع الصدمة ، وعمال امونسيتو للغزل وموقع إسلام اون لاين ما زالوا مضربين وودن من طين ، وقد تجنبنا الحديث الودي مع العمال عن المعاش المبكر، ولم تكن مثل صدمة الدكتور البرادعي مدير وكالة الطاقة النووية السابق والتي لم تصلني رغم ذكرياتي عن الفشل في الالتحاق بقسم هندسة الإسكندرية النووي واحمد اللـه علي ذلك ، وهي لا تماثل صدمة النجم الذي عاد للتألق في سماء مصر، ومسلسل أحداثها التي تسير بالمقلوب كما يقول البعض أو التي يتبادل فيها المنطق وقرينه المواقع كما يري البعض، وقد سكتت شهرزاد بسرعة عن الكلام المباح ، والدكتور المهندس إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق وحكاياته بين يدي النيابة ..

الصدمة كانت لإنسان مصري بسيط من الغالبية الصامتة التي لا تستعذب طعم السياسة ولا تشم ريحها .. الريح كانت طيبة هذه المرة فقد جاءت مع دعوة كريمة وأمسية ثقافية تنظمها مكتبة أكمل بالإسكندرية ،وضيفها الدكتور محمد المخزنجي الأديب المعروف ، وخرجت لأكتب مقالي الغناء في الظلمة والطير النهاري، والذي لم ينشر ورقيا ، وعندما نشرته مجلة أمواج السكندرية الالكترونية تم رفعه من الواجهة الرئيسة خلال أيام إلي الظل رغم خلوه من الغمز واللمز ، ربما بسبب فشل البحث عن ميشيل ..

(قبل أن نبحث مع الدكتور محمد المخزني عن الأستاذ ميشيل فكرت في سرد الحكاية بداية من نقطة تأثير الانطباعات الأولية للقاء مع الأديب الدكتور محمد المخزني .. فهذه هي المرة الأولي التي التقي فيها بالدكتور وجها لوجه بمكتبة أكمل بالإسكندرية ، وهي النقطة التي شغلت حيزا من اللقاء مع سؤال الدكتور محمد العبادي عن تأثير الانطباعات الأولي لسلسلة اللقاءات المصورة التي تبنتها جريدة العربي الكويتية وكان رائد فكرتها الدكتور محمد المخزجي ..

رغم عصر الصورة وهيمنة شبكة الانترنت والفضائيات علي رؤى الناس والعصر ، تظل حميمة ودفء اللقاءات الإنسانية تحمل وهجها الخاص ، هذا ما طرأ علي خاطري بعد دقائق من جلوس الهدوء الجميل إلي المنصة وكأنني أعرف الدكتور محمد المخزني منذ فترة طويلة وسري دفء المشاعر الإنسانية وحديثه الشجي يطربني وهو يقول لو لم أكن من مدينة المنصورة لوددت أن أكون سكندريا ..)

تجاوزت دهشة اليوم بكاء الدكتور السعيد الورقي ، وتصفيق الحضور حملة هدايا الشاعر عبدالعزيز البابطين بمدرج كلية اللغة العربية بآداب الإسكندرية ، ومؤتمر تجليات النقد في ذكري الدكتور محمد زكي العشماوي وقد شطح بي الخيال إلي الوحدة الثقافية العربية ، وتجليات قيم أصيلة نتمناها ، والباص يتوقف صباح السادس عشر من مارس مع الملاكي التي صاحبته من جمصة حتى مبني كلية الآداب جامعة المنصورة ، لأعيش لحظات استقبال كبار الزوار بمدرج أحمد لطفي السيد وأجنحة الحب ترعانا ودفء العلاقات الإنسانية يحيط بنا ويوم مهرجان الشعر السنوي للكلية بالتعاون مع هيئة الفنون والآداب بالإسكندرية وكلمات من القلب للأستاذ الدكتور محمد أحمد غنيم عميد الكلية ورفاقه الكرام مع بريق الشهادات وميداليات التقدير ودروع السلام والتآخي تعلنها صريحة أن الإسكندرية معشوقة المنصورة أرض الجمال والخير ومصر التي نتمناها والتي تبادلها الإسكندرية موجات الحب .. ومع ابتسامة الدكتور محمد زكريا عناني رئيس هيئة الفنون وهو يرفع الدرع بيد وبالأخري يد ودرع الدكتور الجراح الشاعر محمد رفيق خليل وهمسات تقول ويبقي الشعر .. أقصد ويبقي الحلم يصاحب الدهشة ..

كتبها الشربيني المهندس

وبكي الدكتور السعيد


وبكي الدكتور



ما بين الواقع والخيال شعرة ..

من اللحظات التي لم أنساها لهذه الشعرة مع لحظات الوفاء في عالم الأدب وبسمة الوحدة الثقافية التي أضفاها الشاعر الكبير عبدالعزيز سعود البابطين بردا وسلاما بمدرج اللغة العربية بكلية آداب الإسكندرية ومجلدات الناقد الأستاذ الدكتور محمد زكي العشماوي توزع كهدايا من مؤسسة البابطين لرموز حفل افتتاح مؤتمر العشماوي الخامس بعنوان تجليات النقد وقد بدأ بتجليات الوفاء وأنا أتذكر كيف كبت د السعيد الورقي ابتسامتي المنطلقة وردها خائبة قبل أن تتسع وأنا أقدم له الكتيب أو الوريقات الخاصة بمشاركتي في الندوة الأدبية التي يديرها بقصر التذوق ..

المشكلة أن ذلك حدث بهدوء ودون افتعال أو ضجيج .. فقد كان بمجرد همسة من علي المنصة لم يفهمها غيري ..

تبدأ الحكاية عندما فكرت في طريقة مغايرة للاشتراك في الندوات الثقافية وذلك بكتابة بضع صفحات عن ضيف الندوة ،وموضوعها خصوصا ونحن في عصر الثورة المعلوماتية المتدفقة ، ولم لا تخالف وتبتكر فربما خالف تعرف ، وقد ترضي غرورك العلمي كمهندس قبل الأديب ومع الحرص علي جاذبية الشكل أيضا .. وقطعا لا مانع من إدراج بعضا من قصصي كفرصة طيبة ..

وهكذا شاركت في ندوة صالون العشماوي التي يديرها الدكتور الورقي بقصر التذوق بسيدي جابر قبل إلغاء الندوات نظرا لعدم توافر شروط السلامة والصحة المهنية أو البيئية وهو المرادف للأمن الصناعي بالقصر..

يومها نبهني الدكتور الورقي أستاذ اللغة العربية والأدب والنقد إلي أننا في صالون الأستاذ الدكتور محمد زكي العشماوي رحمه اللـه .. ولم يقلها بهذا الشكل لكن أشار إلي ما كتبته وقد تجهم الوجه قائلا بلاش هذه ..

وهذه كانت صالون الدكتور الورقي علي الغلاف

أتوقف أحيانا أمام ما حدث من لمسة وفاء نادرة هذه الأيام وحسن النية فأنا لم الغ صالون العشماوي لكنني جعلته داخل صالون الورقي .. ولدي شجاعة الاعتراف أنني تعلمت درسا من مجرد إشارة ..

وتعود الابتسامة من جديد مع حديث رسولنا الكريم الخير في وفي أمتي إلي يوم القيامة وأضفت إلي حسن النية الكياسة والحرص و..

سطع ذلك من سرداب الذكريات وقد انهمرت دموع الدكتور السعيد الورقي وهو يلقي كلمته بمؤتمر العشماوي الخامس الذي يرأسه وكان بعنوان تجليات النقد بمدرج اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية المكان الذي جمع الأستاذ الراحل والتلميذ المعلم ومدرسة الوفاء العربية من الكويت إلي مصر وذلك صباح الأحد الأخير من فبراير2010

كتبها الشربيني المهندس


الغناء في الظلمة

والطائر النهاري

قبل أن نبحث مع الدكتور محمد المخزني عن الأستاذ ميشيل ، فكرت في سرد الحكاية بداية من نقطة تاثير الانطباعات الأولية للقاء مع الأديب الدكتور محمد المخزني ..

فهذه هي المرة الأولي التي التقي فيها بالدكتور وجها لوجه بمكتبة أكمل بالاسكندرية مساء الأحد 14/2/2010 ، وهي النقطة التي شغلت حيزا من اللقاء مع سؤال الدكتور محمد العبادي عن تأثير الانطباعات الأولي لسلسلة الاستطلاعات المصورة التي تبنتها جريدة العربي الكويتية ، وكان رائد فكرتها الدكتور محمد المخزجي ، وزار من خلالها معظم مناطق شرق ووسط آسيا من خلالها..

العقاد علمني كيف أحب الزهرة وأحب الوطن ..

الجمال رمز الانسان الذي يجيد العمل ويشعر بحقوق الآخرين واحترام النفس والحق والعدل للجميع ..

وبهذه العودة البديعة للأصالة تتدفق فعاليات الثقافة الجميلة ، ومعها ، ورغم عصر الصورة وهيمنة شبكة الأنترنت والفضائيات علي رؤي الناس والعصر ، تظل حميمة ودفء اللقاءات الإنسانية تحمل وهجها الخاص ، هذا ما طرأ علي خاطري بعد دقائق من جلوس الهدوء الجميل والوجه البشوش إلي المنصة وكأنني أعرف الدكتور محمد المخزني منذ فترة طويلة وسري دفء المشاعر الانسانية وحديثه الشجي يطربني وهو يقول لو لم أكن من مدينة المنصورة لوددت أن أكون سكندريا ..

الأنطباع الأولي كان الدهشة ومع رهافة قميص الشوق ومتانة نسجه يطول الاندهاش وكان من المنطقي أن يستمر الضيف في حديث الذكريات وحكايات تجربة حياة تحتاج إلي وقفات فاحصة ومتأنية ..

بدأت حكايات الدكتور مع بدايات التعيين ، تارة بالحجر الصحي بالميناء مع بداية التطبيع المصري الاسرائيلي ، ومشاعر وطنية استمرت مع استمرار تمسكه برأيه وعدم مصافحة القتلة ، والتي غلبت بحماسها علي شباب الحضور وقد مثلت ظاهرة تحتاج للتأمل ، وأبكت أكبرالحضور سنا وقد قارب علي السبعين عاما وهو يدعو بالصحة للدكتور الذي أعاده قارئا من جديد ، بعد أن عاش فترة ضبابية متصفحا للجرائد والمجلات السيارة فحسب ..

وتارة بمستشفي النبوي المهندس للأمراض العصبية والنفسية بالمعمورة ، وكيف تعرف بميشيل الانسان الذي تآلف معه في السكن بأبي قير ..

وأعلن الدكتور رأيه بصراحة في مسألة التدين وعن اعتقاده بأن كل الديانات السماوية تؤدي الي اللـه والي التوحيد .. وحتي الديانات الأفريقية التي درسها تؤدي أيضا إلي العظيم الأعظم ونوع من التوحيد أيضا ..

وهمس لنا عن سعادته بالتواجد بالاسكندرية وشعوره بالأمان وسطنا .. وشبه حكاياته كالغناء في الظلمة والذي ينطلق من القلب بعيدا عن القهر والرياء .. وكيف يبلغ به براح الشوق للمدينة وجمال البشر والبيئة التي ينشأ فيها البشر وذكريات بحري وابو العباس وابو قير .. وكيف يدفعه ذلك إلي ركوب الباص صباحا الي الاسكندرية والجلوس علي الكورنيش ثم يغادرها إلي المنصورة مع آخر أوتوبيس حتي أطلقوا عليه الطائر النهاري السكندري ..

الظاهرة التي حيرتني هي تواجد الشباب السكندري الغالب علي اللقاء ـ يتقدمه شباب إطلالة والأديبة ايمان عبد الحميد التي أدارت اللقاء ـ وأسئلة مطروحة بذكاء غطت كتابات الدكتور المخزنجي وقصصه قديمها والحديث وتأثرها بتخصصه العلمي ، وأعمدته الصحفية في الدستور المصرية ثم الشروق ، والعلاقة مع يوسف ادريس والأسرة الأدبية وحكاية الاستمرار في كتابة القصة ومتي سيكتب الرواية ..

أعلن الدكتور رأيه الصريح أنه مع العمل الجيد بصرف النظر عن المسمي الأدبي .. وأضاف أنه لا يحب القوالب والمسميات من قصة قصيرة ورواية ومقال حيث يفضل أن يعتبرهم جميعا ضمن " مملكة السرد "

وقدم شكره لجريدة العربي الكويتيه وكيف أتاح له برنامج استطلاعات مصورة فرصة الاستفاده الإنسانية والثقافية من خلال سفره إلى بلاد الشرق الأقصى مثل الهند الصينية وكمبوديا وميانمار ولاوس، وكذلك معظم دول أفريقيا و جنوب الصحراء الكبري ، وكيف ساعدته كثرة الأسفار فى صقل موهبته وإثراء محصلته المعرفية ..

ويأتي الاعتراف مصاحبا للشخصية النبيلة وهو يقول أنه تعلم في مدرسة العربي الكويتيه الكثير ، بجانب الدخل المادي ، داحضا مزاعم شاعت بيننا أن الخليج يعطي أموالا فقط ..

ونأتي إلي ردود فعل القراء وكيف اشترت إيمان عبد الحميد قصص الآتي بكل مصروفها.. *وتضم قصص السباق وذبابة زرقاء والأوتاد والعاصفة الترابية وعدو الشمس والرجل الذي نسخر منه واليمامة المضروبة والخنازير وقمرها الذهب والآتي وعنبر البنات وبضع زهرات والفدائي حمزة وفي الليل الصقيع وفوق سطح ساخن ومذبحة النوارس ..

وذكرت أديبة أخري حكاية حميميمة الصوت التي قرأتها في قصص غرق جزيرة الحوت والبئر وذئاب ، وكأنها الآن تألف صوته ، وذلك تعقيبا علي ما قاله المخزنجي من حكايات الأصوات التي كان يسمعها ليلا عندما كان يسن بأبي قير وكيف حكوا له حكاية المعتقل القديم بالمنطقة وغناء السجناء ..

قال عنه الأديب العملاق نجيب محفوظ في مجلة "عالم الكتاب" قصص قصيرة جدا ولكنها ممتازة, بحيث إنها تكتب في أضيق حيز , ولكن كل قصة لها معنى مترام واسع , وهي تدل على مقدرة فنية فــــــذة في عالم القصة القصيرة " .

.. إنه الأديب الطبيب محمد المخزنجي الذي يحرص علي الموازنة بين تغريده خارج السرب كما سألته ولكن بشرط عدم الابتعاد عن السرب كثيرا ..

وجاء غياب اسماء لامعة في القصة والندوات الأدبية بالاسكندرية ـ بخلاف أ. أدول حجاج ـ عن زحام اللقاء ووقوف البعض مثيرا لعلامات الاستفهام ..

حاز كتاب الداء بلا دواء مع إعادة النشر للإصدارات السابقة علي مساحة كبيرة من اللقاء في وجود عدد من الأطباء وحكايات مثيرة عن الطب البديل وخلطات الأعشاب المنتشرة والعلاج حتي بالعفاريت وكيف ساهم الاعلام في ذلك مرورا بجهل التعامل مع الأبر الصينية والتي يقضي الطبيب المتخصص سبع سنوات في دراستها بالصين قبل أن يسمحوا له بالتطبيق ..

يقول الدكتور المخزنجي أن هذا الأمر خطير من تحديد الكميات بدقة ثم عمليات التجهيز والتخزين وكلها تؤثر علي سلامة الجسم البشري ، ثم إن الطب الحالي وأدويته هي خلاصة نباتات وهناك مافيا للأدوية تسخر كل النباتات المتاحة في الدنيا لحساب تصنبع الأدوية ولن تترك مجموعة من الهواة لعرقلة عملها ومكاسبها ..

ويستعرض الكتاب ألواناً من الوسائل العلاجية المثيرة للفضول مثل العلاج بالصوت وبالنحاس الموضعي وبالتصوير وبالتنويم وبالنقاط الصينية والخضراوات والفاكهة وشذا العطور، رافضاً مصطلح " الطب البديل" عن الطب الحديث ولكنه يقدم طب متمم أو مُكمل ..

ووتتغير قسماته وهو يشرح كيف تغيرت سلوكيات بعض الناس في مصر ،وسهولة السير في الطريق المعاكس ، والتحايل علي القانون الذي أصبح سهلا ..

ونتوقف لالتقاط الأنفاس مع ثراء الحديث الذي جاوز الوقت المسموح به دون أن يشعر أحد فقد كان اللقاء مفتوح مثل القلب تماما مع كاتب يؤمن بالمقولة ( معركتي مع الحياة الا اتخلي عن سنتيمتر واحد من شخصيتي ) ..

وفي لقطة تقليدية قام بتوقيع واهداء لكتبه مع جمهور الحاضرين ..

محمد المخزنجى , القصص القصيرة الخاصة

1-
ومع ذلك .. ورغم ذلك

قبل أن أطفىء النور لأنام ، أحرص على جمع كل ما يمكن أن يكون متناثرًا فى الحجرة ومكشوفًا أمامه ، هذه الأشياء المدببة والحادة والقاطعة ، كالمدى ، وشفرات الحلاقة ، وسكين فتح الكتب ، حتى الأقلام ، باختصار ، كل ما يمكن أن يقع فى يده لحظة يمضه الأرق ويستخدمه فى ذبحى من عند حبل الوريد ، أو طعنى فى الموضع الضعيف المؤدى مبباشرة إلى القلب - من بين الضلوع - كما أتخيله دائما يفعل.
أجمع كل ذلك وأضعه فى أحد أدراج الخزانة ، ثم أغلقه ، وأوصد عليه الضلفة ، وأخفى المفتاح فى كيس الوسادة تحت رأسى ، هذا ، حتى يطلع الصبح ويغمر النور الغرفة فأستيقظ وأكون منتبها إليه .. ذلك الانتباه الذى لم يقف بى قط على حد كراهيته ، فأنا أوقن أنه لا يكرهنى ، بل على العكس ، أوقن أنه يحنو على حنوا عميقا عمق الشفقة التى يكنها لى من الاستمرار فى مثل هذه الحياة ، والتى قد تكون دافعه الوحيد للفعل ، الفعل الذى ظل رغم ذلك يرعبنى.
أتأكد من دافعه الشفوق ذلك عندما تحين اللحظة المعتادة ليواجه كل منا الآخر قبيل الخروج إلى الشارع. وفى نور الصبح الأبيض المزرق المتدفق عبر النافذة أتمكن من رؤية العذاب المترقرق فى عينيه الصاحيتين لتوهما بعد نوم مضطرب .. نوم ممزق بأحلام الرغبات المحبطة ، والمخاوف التى تستحيل دوما إلى كوابيس.
أنظر فى عينيه مباشرة بإحساس يتصاعد بالشفقة إلى حد الابتسام ، فيبادلنى الابتسام الشفوق ، وما يلبث ابتسامنا المتبادل حتى يأخذ برهة شكل الرضا ، هذا الرضا الذى يَسرُّ دون كلام أن : مع ذلك ، ورغم ذلك ، يظل وجودنا فى هذه الحياة على تكاثر آلامها وتضاؤل وابتعاد أصغر الأمانى فيها .. يظل جديرا ببعض الفرح .. على الأقل فرح التنفس من هواء الصبح الطازج كل يوم من جديد. أليس كذلك ؟
أليس كذلك ؟ أسأله بإيماءة مبتسمة فيجيب على مبتسما بمثلها ، ثم أكرر سؤالى بصوت مسموع وأنا أستدير متأهبا للخروج ، لكن إجابته لا تأتينى . فيبدو لى وكأنه تبخر مع سريان تيار الهواء الصباحى الذى اكتسح كتمة الغرفة آتيا من النافذة المفتوحة إلى الباب المفتوح.
وأفكر فى أنه قد اختفى أيضا من صفحة المرآة التى استدرت للتو عنها .
د.محمد المخزنجى

***
2-
ذبابة زرقاء
أكره الذباب ، وأكره بالذات طنينه ، وتكون كراهيتى لهذا الطنين غير محدودة ، وأنا طبيب استقبال مناوب ، أجلس ضجرًا فى فراغ الانتظار بالليل وبياض الجدران يحاصرنى . كان طنينها بحجم طنين مائة ذبابة مجتمعة دخلت تطير فى المكان حولى . نهضت أخلع معطفى مغيظًا ، وضربتها به ، فهوت .. وكدت أرفع قدمى لأسحقها ، لكنى وجدتها ذبابة كبيرة ملونة ، فتركتها تلم نفسها ، وتعاود الطيران . أحضرت كأسًا زجاجية ، وحملت معطفى أطاردها ، وعندما كانت تطير فوق المنضدة ضربتها ... وقعت ، وقلبت عليها الكأس ، ورأيتها من خلال الزجاج كبيرة وعيونها كنصفى كرتين من بلّور متلاصق ، يعكس فى تقلبه شتاتًا من ألق الألوان ، وكانت على بدنها مربعات منمنمة أيضًا ، تتناسق كأنها رقعة شطرنج ، وتتماوج تحت جناحيها السلوفانية بلمعة معدنية زرقاء . أخذت الذبابة فى محبسها تتلمس مخرجًا .. تتحرك فى اتجاه ، فيصادفها زجاج الكأس ، وتكرر المحاولة فى اتجاه آخر ، ثم فى اتجاهات أخرى ، ولا تكف ، ولكننى سئمت تكرار ذلك . أحضرت بخاخة " البنج الموضعى " ورفعت الكأس قليلا ، ثم أعدتها بعدما رششت بخة كثيفة بداخلها ، ورأيت الذبابة الزرقاء تُجن فى بحثها عن مخرج ، ثم توقفت وبدا أنها تموت . تحركت فجأة حركة دائرية وهى تذبذب مؤخرتها ، ومع كل ذبذبة راحت تضع بيضة .. بيضة صغيرة كرأس دبوس ، ملساء وبلون " الكريم " .. بيضة ، اثنتين ، ثلاث ، أربع ، خمس .. ست بيضات وضعتها . وسكنت


***
3-
جريدة دة الصباح
وأنا أعبر الطريق إلى الرصيف الآخر حيث الكشك ، تذكرت الرجل الأسمر النحيف بائع الجرائد ، وكيف كانت ميتته صامتة ومنكسرة ، وقلت فى نفسى: لا بد أن الشاب الواقف بمكانه أمام الكشك هو ابنه ، وقد كنت أراه يرتدى ستةر الجل الرمادية الكالحة نفسها ، والرأس مدسوس فى الكاب القديم ذاته.
ضايقنى أن أمد يدى بالنقود طويلا ويتجاهلنى الولد ، وتذكرت الرجل وكيف كان وجهه الطيب يبش لى ، ويحتفى ، ويعطينى ما أطلب - أنا زبونه القديم - قبل الجميع ، ورحت أزفر محتجا متعجلا الولد ، مكررا عليه بضيق: " يالله يا ابنى . يالله يا ابنى " ، واستغربت أنه يمسك الجريدة التى أطلبها ، ويده قريبة من يدى التى تمتد بالنقود ، ومع ذلك يتردد ، ولا يعطينى.
وكمنيتذكر شيئا ذا أهمية ومعنى مر به للتو دون انتباه ، رفعت وجهى ملسوعا فاستبنت الملامح فى سمرة الوجه أمامى ، وعرفت أننى لم أكن مصغيا لصوت الهمس المتوسل الكسير الذى ظل يلح على سمعى كلما تعجلت: " أنا بنت يا أستاذ. أنا بنت. أنا بنت ".
د. محمد المخزنجى